لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
98187 مشاهدة print word pdf
line-top
لا يكون في الوجود إلا ما يريد الله عز وجل

...............................................................................


وبعد ذلك ما يكون في الوجود إلا ما يريد, كل ما في الوجود من حركات وسكنات كل ما في الوجود من حيوانات ودواب وطيور ووحوش ونحو ذلك, الله تعالى هو الذي خلقها، وكل ما يحصل من حركات وسكنات، الله هو الذي خلقها وشاءها، وهو الذي أوجدها، وهو الذي علمها ثم كتبها، ثم شاءها ثم خلقها، كما شاء هذا معنى كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس يعني كل شيء مقدر.
قال الله تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا أي جعل له مقدارا فقدر الأعمار، علم عمر هذا الإنسان طويلا أو قصيرا، قدر الأعمار وقدر الآجال، وقدر الحوادث والأعمال كلها، وجعل لها مقادير، قال الله تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا .
وقال تعالى: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ فيؤمن المسلم أولا بالعلم، وثانيا بالكتابة، وثالثا بالمشيئة والإرادة، ورابعا بالخلق والإيجاد لجميع الموجودات، ويؤمن بأن الله تعالى علم أو قدر القدر العام الذي كتبه في اللوح المحفوظ، ويؤمن أيضا بأن كل إنسان فله كتابة خاصة، إذا استقرت النطفة في الرحم طورها الله تعالى نطفة ثم علقة ثم مضغة، فإذا كانت مضغة فإن الله يرسل إليها الملك ينفخ الروح فيها، ثم يأمر الملك فيكتب إذا قدر الله أنها مخلقة؛ أنها تعيش وتخلق فيكتب الملك: رزقه وأجله وعمله وهل هو شقي أم سعيد، مع أن ذلك كله موجود ومكتوب، وهو قبل أن يخلق، وقبل أن تخلق السماوات والأرض، ولكن هذه كتابة خاصة لكل إنسان قدر الله وجوده.
وكذلك أيضا ذكر في ليلة القدر التي في رمضان أنها سميت بالقدر؛ لأن الله يقدر فيها ما يكون في ذلك الزمان إلى مثله؛ بمعنى أنه يكتبه الملائكة في صحفهم فلا يتقدم شيء ولا يتأخر فيكون هذا تقديرا سنويا.
وأما قول الله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فالمراد هو إيجاد الموجودات التي قدر الله وجودها كل يوم، وإذا آمن العبد بأن كل شيء مقدر، فإنه لا يجوز أن يعتمد على القدر السابق ويترك العمل.
ولأجل ذلك لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من الجنة والنار. فقالوا: ألا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له هكذا أخبر بأن كل إنسان ميسر لما خلق له, ثم معناه: أنه يعينه الله تعالى ويوفقه أو يخذله ويهينه، فإذا أعانه الله تعالى عمل بالطاعة، وإذا خذله عمل بالمعصية.

line-bottom